ثقافة وفن

بن دودة : نعمل على إصلاح المسرح والانتقال به من دائرة النشاط إلى المردودية والإنتاج

في ختام ملتقي "استراتجيات تسيير المسارح"

  • “مسرح المدينة” أهم اقتراحات لجنة إصلاح المسرح

 أكدت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، أن هيئتها ستعمل على  إصلاح المسرح والانتقال به من دائرة النشاط إلى المردودية والإنتاج، وهذا بالاعتماد على قرارات لجنة إصلاح المسرح التي تم تنصيبها شهر جوان المنصرم.

وأوضحت الوزيرة في كلمة مقتضبة لها خلال إشرافها على اختتام ملتقى “الإستراتيجيات الوطنية والدولية في تسيير المسارح” أن عمل هذه اللجنة يندرج ضمن إستراتيجية تطوير العمل المسرحي بالجزائر، مشيرة إلى أنها واحدة من مجموعة ورشات ستُنصّب تباعا، هدفها وضع تصوّر يدرس ويتابع، ليستجيب مع مخطط عمل الحكومة، القاضي بضرورة التوجه نحو النجاعة والفعالية الاقتصادية في مختلف القطاعات، وهو تصوّر حسبها يستدعي الاعتماد على مفاهيم اقتصادية تضمن للمسرح وللفاعلين به أريحية مالية وتساهم في دفع عجلة الاقتصاد الثقافي.

…”مسرح المدينة” أهم اقتراحات لجنة إصلاح المسرح

استعرض بالمناسبة الأستاذ أحميدة العياشي المشرف العام على اللجنة مخرجات ورشة إصلاح المسرح والتي تضمنت حلولا واقتراحات لتنظيم وتأطير هذا القطاع للخروج به من حالة الانسداد البيروقراطي والركود، وتوزعت مخرجات هذه الورشة على عدة محاور تعلقت أولها بـ “مسرح المدينة” حيث تم تقديم اقتراحات لإصلاح مسرح الدولة والانتقال به من محطة المسارح الجهوية إلى مسارح المدينة، يقول المنسق العام للورشة.

وقد تم الانطلاق في الإصلاح الفعلي في هذا المجال من خلال قانون حول مسرح المدينة متواجد حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة والذي من بين ما نص عليه تحويل المسارح الجهوية إلى مسارح مدينة وإقرار عقود النجاعة التي تجعل تنصيب مديري المسارح على أساس حملهم للمشاريع وليس فقط كإجراء إداري وكذا إلزامهم بتحصيل إرادات مالية من نشاطاتهم إلى جانب حصولهم على إعانات الدولة.

وقال المتحدث إن إنشاء “مسرح مدينة” يأتي بهدف تكييف الإطار القانوني الذي تخضع له المؤسسات المسرحية مع آفاق التطور المتضمنة في المخطط الوطني لتهيئة الإقليم، كما يقترح تغيير كيفية تعيين مدير المؤسسة بقرار من الوزير المكلف بالثقافة بدل تعيينه بمرسوم، وتضيف الوزارة في هذا الخصوص قد تؤدي العملية التقديرية التي تخضع لها التعيينات إلى غياب ضرورة تحقيق النتائج المرجوة، ولا يمكن بالتالي اعتماد وسائل النجاعة، كما قد تترجم بتواجد مديرين اثنين في آن أحد، يترتب عنه تمويل راتبين طيلة الفترة التي تسبق صدور مرسوم إنهاء المهام، ومن هذا جاء اقتراح كيفيات التعيين التي تسمح باللجوء إلى إبرام عقود عقد نجاعة لدى التعيين قصد تحديد أهداف واضحة وملموسة.

و مسرح المدينة يضيف أحميدة العياشي هو مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، ويخضع في علاقته مع الدولة للأحكام المطبقة على الإدارة، ويعد تاجرا في علاقته مع الغير، ويتولى مسرح المدينة حسب المتحدث إنتاج أعمال مسرحية وتوزيعها، وإنتاج مشترك لأعمال مسرحية مع مؤسسات مماثلة ومع جمعيات وفرق مسرحية، ومرافقة المواهب، ورصد ومتابعة وتأطير الحركة المسرحة، وتطوير وصقل المسرح لدى الأطفال، وتنظيم ورشات تكوين وندوات ومحاضرات، وحفظ الأرشيف المسرحي، وتطوير مطويات مخصصة حول المسرح، وتطوير التبادلات مع الهيئات والمنظمات والمؤسسات حول المسائل المرتبطة بمجال نشاطها مع الفرق المسرحية الأجنبية.

أما عن اللجنة الفنية، لهذا المشروع يقول أحميدة العياشي تتشكل من خمسة أعضاء، وهم مدير المسرح، ورئيس الدائرة الفنية، وشخصيتان فنيتان يعينهما المدير، وتقني واحد تابع للمسرح، وتساعد اللجنة الفنية المدير في مهمته وتبدي رأيها في برامج الإنتاج المسرحي والعروض الحية، ومرافقة الجمعيات، والتعاونيات المسرحية، وتطوير الذائقة المسرحية للأطفال، وتنظيم ورشات التكوين.

وتناولت أيضا هذه الإصلاحات ترقية ما سمي بـ “مسرح المبادرة” الذي يشمل المسرح الخاص  والتعاونيات الفنية ومسرح الجيب وكذا مسرح الشارع.

كما تعلقت أيضا بتطوير التكوين المسرحي من خلال وضع إستراتيجية شاملة للرفع من مستواه وكذا ترقية “مسرح الغد” الذي ينطوي على مقاربة جديدة للنهوض بمسرح الطفل ومسرح الناشئة والمسرح المدرسي والمسرح الجامعي.

وقد مست أيضا هذه الإصلاحات تسيير وإصلاح مسرح الهواة الذي يشكل خزانا للمسرح المحترف وكذا التوثيق والرقمنة حتى يتماشى الفن الرابع مع المعطى الجديد للعصر بالإضافة إلى تثمين المكتسبات فيما يخص مهن فنون العرض الحية كالبالي والأوركسترا والكوريغرافيا واستغلالها أكثر.

وقال العياشي أن المسرح اليوم يعاني من عدة ثغرات تنظيمية وبيروقراطية وذهنية وفلسفية، بعد أن عاش في الماضي حقبة نيرة ومشعة مضيفا أن هذه المخرجات ستكون بمثابة خارطة طريق للوزارة لتنفيذ الإصلاح وأرضية انطلاق جديد للحركة المسرحية في الجزائر بعد مرور قرن على نشأتها.

وشدد على أن هذه الإصلاحات تأتي في سياق ظهور أجيال جديدة من المسرحيين وتراكمات لتجارب جديدة وكذا الانفتاح الذي يعرفه العالم، الأمر الذي أدى إلى ظهور مطالب ملحة في التغيير من طرف المسرحيين ومطالبات بنوع مختلف من التفكير وانتهاج مغاير لأساليب التعاطي مع المسرح كممارسة وصناعة ثقافة.

…البحث في كيفية تحويل المسارح إلى مؤسسات اقتصادية ربحية

وكان قد عرف اليوم الأخير من الملتقى مناقشة موضوع تسويق الإبداعات المسرحية في الجزائر، وتناول بإسهاب في هذا الإطار المخرج شوقي بوزيد الإعانات المالية التي تمنحها الدولة للمسارح الجهوية وأيضا المسرح الوطني التي تذهب كلها لتغطية الأجور بدل أن توجه لدعم الإبداع الذي خصصت له أصلا.

واقترح شوقي بوزيد لحل هذا المشكل الذي تعاني منه جل المسارح الجهوية بما فيها المسرح الوطني، إعادة النظر في أساليب توظيف عمال المسارح أو اعتماد سياسة لتحويل المسارح إلى مؤسسات اقتصادية ربحية من خلال الخروج من المفهوم الريعي للتسيير، داعيا مديري المسارح الاعتماد على مشاريع عمل ذات أبعاد فكرية وتسويقية.

مؤكدا أن إنتاجات المسارح الجهوية اليوم تعد على الأصابع لدرجة أن هدف مسيريها الوحيد والأهم خلال العام صار لا يتعدى المشاركة في المهرجان الوطني للمسرح المحترف والفوز بإحدى جوائزه.

من جانبه دعا الدكتور محمد بوكراس مدير المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري إلى ضرورة الاعتماد على إستراتيجية تسويق شامل لا تعتمد فقط على التسويق التكتيكي الاعتيادي وإنما أيضا الاستراتيجي والابتكاري والالكتروني.

وأوضح بوكراس أن كل واحدة من هذه الأنواع التسويقية تستند على عدة عوامل تتعلق بطبيعة الجمهور السوسيو-ثقافية والاقتصادية واحتياجاته وأوقات فراغه وكذا أنواع الأعمال المقدمة وأنماط الاتصال وغيرها.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى