إسلاميات

عبادات المتقين

 حدد القرآن الهدف الأعلى والمقصد الأسمى من فريضة الصوم، فقال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
ونحن مقبلون على هذا الموسم العظيم شهر رمضان، وهو موسم ربح عظيم لأهل الإيمان، ولا يُضيِّع هذا الموسم إلا خاسر، ولا يقعد عن المنافسة فيه إلا شقي حائر، وثمرة الاجتهاد في هذا الموسم؛ هي التحصُّل على ذلك الكنز العظيم والفضل الكبير؛ ألا وهي تقوى الله تعالى.
‏فلا بُدَّ للمؤمن أن يعد العدة، وأن يُهيِّئ قلبَه وجوارحَه للحصول على تلكم الثمرة العظيمة، ولا بُدَّ من شحذ الهِمَم والأخذ بكل سبيل يوصل إلى تقوى الله تعالى؛ فالتقوى هي وصية الله تعالى للأوَّلين والآخرين، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]، وهي صفة الأولياء والصالحين؛ قال الله تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62، 63]؛ لذلك سوف نستعرض ‏بإذن الله تعالى في هذه الموعظة بعضًا من عبادات المتقين حتى نقتدي بهم، ونسير على دربهم؛ عسى الله أن يمُنَّ علينا، ويجعلنا منهم.
‏أولًا: الإيمان بالغيب:
إنَّ أول عبادة للمتقين ذُكِرت في القرآن الكريم هي الإيمان بالغيب؛ قال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [البقرة: 2، 3].
إن الإيمان بالغيب بُني عليه دينُ الإسلام، فما أركان الإيمان الستة إلا إيمان بالغيب – إلَّا القرآن الكريم فإنه بين أيدينا– ‏والإيمان بالغيب أجَلُّ الأعمال وأفضلُها على الإطلاق، يقول ابن القيم رحمه الله: “والإيمان بالغيب أجَلُّ المقامات على الإطلاق”.
والإيمان بالغيب يُؤثِّر في المسلمين تأثيرًا عظيمًا، ويُورِث في القلوب توجُّهًا وإقبالًا على الله تعالى والدار الآخرة، وبه يستقيم العبد، وفيه راحة للنفوس وطُمَأْنينة في القلوب، وجلاء في الحق، ورضًا يملأ قلب المؤمن، وهو من أعظم بواعث التقوى والورع، وأنَّ صوم شهر رمضان دليلٌ واضحٌ على حسن إيمان العبد ويقينه بالغيب، وأنه ينتظر الجزاء من الله تعالى على صومه، وأن هناك جنةً وهناك نارًا، وأنَّ في الجنة بابًا يُقال له الرَّيَّان ‏أعدَّه الله للمتقين والصائمين؛ فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يُسَمَّى الرَّيَّان لا يدخُله إلَّا الصائمون))؛ رواه البخاري.
ثانيًا: المسارعة إلى الخيرات:
إنَّ من أسمى سمات عبادات المتقين، ومن أعظم ما يُميِّزهم عن غيرهم في العبادات أنهم سبَّاقون إلى الخيرات، مسارعون إلى الطاعات، قال الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133] أعَدَّ اللهُ لهم جنَّةً عرضُها السماواتُ والأرضُ خالدين فيها بسبب تلكم العبادة التي يغفل عنها الكثير منا، ولقد كان إمام المتقين وسيدهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم سبَّاقًا إلى ما يُحِبُّه الله ويرضاه، سريعًا في طاعة الله، ضرب أروع الأمثلة وأعلاها في ذلك؛ جاء في صحيح البخاري عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: صلَّيْت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر فسلَّم، ثم قام مسرعًا، فتخطَّى إلى بعض حُجَر نسائه، ففَزِعَ الناسُ من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم عجِبُوا من سرعته، فقال: ((ذكرت شيئًا من تِبْر عندنا، فكرهت أن يحبسني، فأمرْتُ بقِسْمَتِه)).
وهذا هو حال المتقين دائمًا، فهذا الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه يقول: أمرنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن نتصدَّق، ووافق ذلك مالًا عندي، فقلتُ: اليومَ أسبقُ أبا بكرٍ، إن سبقتُه يومًا، قال: فجئتُ بنصفِ مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فما أبقيتَ لأهلكَ؟))، فقلتُ: مثلَه، وأتى أبو بكرٍ بكلِّ ما عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا بكرٍ، ما أبقيتَ لأهلك؟))، فقال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه؛ الألباني والترمذي.
وهذا الحسن رحمه الله يقول: “مَنْ نافَسَكَ في دينك فنافِسْه، ومَنْ نافَسَك في الدنيا فألْقِها في نَحْرِه”، وقال وهيب بن الورد رحمه: “إن استطعت ألَّا يسبقك إلى الله أحدٌ فافْعَل”.
ثالثًا: الصيام:
إنَّ الصيام صفة ملازمة للمتقين، وعبادةٌ لا ينفكُّون عنها، فهي سبب لوصولهم لتقوى الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، يقول ابن القيم رحمه الله عن الصوم: “هو لجام المتقين، وجُنَّة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، وهو لربِّ العالمين من بين سائر الأعمال، فإن الصائم لا يفعل شيئًا، وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذُّذاتها، إيثارًا لمحبة الله ومرضاته، والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطلع عليه بشر، وتلك حقيقة الصوم، وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحمايتها من التخليط الجالب لها المواد الفاسدة”.
‏ولقد أخفى الله تعالى أجر الصائمين؛ لأنه عملٌ خفيٌّ بين المتقين وربِّهم سبحانه؛ جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ عمل ابن آدم له ‏يُضاعِف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلَّا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به، يَدَعُ شَهْوتَه وطَعَامَه من أجلي، للصائم فرحتان يفرحهما: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربِّه)).
‏لذلك كان للمتقين مع الصيام شأن عظيم؛ فلقد داوموا على الصيام وأخلصوا فيه لله، فإن الصيام يحرك الإخلاص، وينقي حسن القصد لله، ويحقق التجرد له سبحانه؛ كما جاء في الحديث: ((فإنه لي))؛ رواه مسلم، وقال: ((يدع ‏شهوته وطعامه من أجلي))، فلما حقق المتقون الإخلاص لله في الصوم حصل لهم السلامة من السوء والفحشاء؛ إذ الإخلاص يمنع تسلُّط الشيطان على الإنسان؛ قال الله تعالى: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24]، ولقد حافظ المتقون على صيامهم من كل فعل أو قول يخدش صيامهم ممتثلين أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم حين قال: ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ))؛ البخاري.
 لقد صامت قلوب المتقين عن الهِمَم الدنِيَّة والأفكار الدنيوية، وصامت عمَّا سوى الله بالكلية، فلقد أقبلوا بكل الهمة على الله عز وجل، وانصرفوا عن غير الله تعالى، ولم يجعل المتقون يوم صومهم وفطرهم سواء، فلقد شغلوا يوم صومهم بالطاعات والقربات، ثم انتبه المتقون أن صيامهم هذا إنما هو محض توفيق من الله تعالى، وهو من أعظم نِعَم الله تعالى عليهم، فكان حالهم وشعارهم كما كان المتقون الأوائل (واللهِ لولا اللهُ ما اهتدينا ولا تَصَدَّقْنا ولا صَلَّيْنا)؛ مسلم، فلم يغتروا بصيامهم؛ وإنما نسبوا الفضل كله لله ﴿ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 73]، ثم إنهم أكثروا من الاستغفار ليغفر الله لهم تقصيرهم، وجعلوا قلوبهم بين الخوف والرجاء، بين خوف من رَدِّ أعمالهم عليهم وبين طمع في رحمة الله أن يتقبَّل الله منهم، ثم إنهم شكروا الله فأكثروا من الحمد والثناء على ربهم أن وفَّقَهم لهذه العبادة، هذا حال المتقين مع الصيام، فاللهُمَّ وَفِّقْنا ويَسِّر لنا وأعِنَّا يا أرحم الراحمين.
‏ رابعًا: إقامة الصلاة والخشوع فيها:
إنَّ من أجلِّ عبادات المتقين وأعلاها قدرًا ومكانةً وفضلًا إقامةَ الصلاة على وقتها، وحضور القلب فيها، والخشوع عند الوقوف بين يدي رب العالمين، ذكر ربنا سبحانه عبادات المتقين فقال: ﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ [التوبة: 71] فهم يحافظون عليها في أوقاتها، ويُتِمُّون الركوع والسجود مع الخشوع فيها؛ ‏فهي قرة عيونهم كما كان سيِّد المتقين وأمامهم صلى الله عليه وسلم الذي قال: ((وجعلت قرة عيني في الصلاة))؛ صححه الألباني، وهي لذَّةُ أرواحِهم، قال ابن القيم رحمه الله: “فهي قرة عيونهم، ولذة أرواحهم، وميزان أحوالهم، هداهم الله إليها؛ لينالوا بها شرف كرامته، والفوز بقربه، تعبد الله بها قلوبهم وجوارحهم، وجعل حظَّ القلب منها أكملَ الحَظَّينِ وأعظمهما، ‏دعاهم إليها كل يوم خمس مرات لتكمل لذتهم بها، وليثيبهم عليها نورًا في قلوبهم وجوارحهم”.
إخوة الإيمان، إن للمتقين مع الصلاة شأنًا عظيمًا وصفه ابن القيم رحمه الله أعظم الوصف وأدقه، وإليك بعضًا من كلامه رحمه الله قال: “ابتدءوا صلاتهم بالطهارة والوضوء، والوضوء له ظاهر وباطن، وظاهره ‏طهارة البدن وأعضاء العبادة، وباطنه وسره طهارة القلب من الأوساخ والأدران بالتوبة؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]، وشرع النبي صلى الله عليه وسلم للمتطهِّر بعد الفراغ من الوضوء أن يقول: ((أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه))؛ رواه مسلم، وعند الترمذي: ((اللهُمَّ اجعلني من التوَّابين، واجعلني من المُتطهِّرين)) فإنه بشهادته يتطهَّر من الشرك، وبالتوبة يتطهَّر من الذنوب، وبالماء يتطهَّر من الأوساخ الظاهرة، ثم يستقبل القبلة بوجه، ويستقبل ربَّه بقلبه، ثم يُكبِّر ربَّه بالتعظيم والإجلال، وواطأ قلبه في التكبير لسانه، فكان الله أكبر ‏في قلبه من كل شيء، ثم استفتح صلاته بقوله: ((سبحانك اللهُمَّ وبحمدك))؛ رواه البخاري ومسلم، وأثنى على سيِّده ومولاه بما هو أهله، ثم استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن الشيطان أحرص ما يكون عن صرفه عن هذا المقام ‏فيستعيذ بربِّه القادر على كل شيء أن يصرف عنه كيد الشيطان وشرَّه، ثم شرع في قراءة القرآن في مقام مخاطبة الرحمن و مناجاته، ويقف عند كل آية من الفاتحة ينتظر جواب ربِّه وكأنه سمعه ويقول: ((حمدني عبدي))؛ رواه مسلم، حين قال: ((﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]))؛ رواه مسلم، ‏فإذا قال: ((﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3]))؛ رواه مسلم، كأنه سمع ربه يقول: ((أثنى عليَّ عبدي))؛ رواه مسلم، وهكذا في باقي الآيات، ثم شرع له رفع اليدين عند الركوع تعظيمًا لأمر الله، وزينة للصلاة، وعبودية خاصة لليدين، واتِّباعه لسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يركع خضوعًا لله وتعظيمًا لربِّه ومولاه وتذلُّلًا لعِزَّةِ الله ثم قال: ((سبحان ربي الأعلى))؛ رواه الألباني، فوافق قلبه لسانه وجوارحه، ثم رفع من الركوع فحمِدَ ربَّه وأثنى عليه بما هو أهل له، ثم كبَّر وخرَّ ساجدًا لله، فكان في هذا المقام أقربَ الناس لله، وقال حالة سجوده: ((سبحان ربِّي الأعلى))؛ رواه الألباني، فسجد بجوارحه، ووافق ذلك بلسانه وقلبه، فسجد بجوارحه ولسانه وقلبه لله، قيل لبعض السلف: هل يسجد القلب؟ قال: (إي والله سجدة لا يرفع رأسه منها حتى يلقى الله)، وهكذا حال المتقين في سائر الصلاة.
ومن فضائل شهر رمضان أنه يُعوِّد المسلم على المحافظة على الصلاة على وقتها؛ بل الأمر أعظم من ذلك فهو يجعله يحافظ على قيام الليل والتراويح في بيوت الله فهو والله فرصة عظيمة ومنحة ربانية كريمة ينبغي للمسلم ألَّا يُضيِّعها حتى يكون من المتقين، فاللهُمَّ اجعلنا منهم يا رب العالمين.
خامسًا: قيام الليل:
اعلم أخي الكريم أن قيام الليل هو لذَّةُ المتقين، وقُرَّةُ عيونهم، وراحة نفوسهم، وهو سُنَّة الأنبياء والمرسلين، وهو بستان العابدين، وتجارة الفائزين الرابحين، وثمرة نفوس الخاشعين، ومحك أحوال الصادقين، وهو طريق المعالي ونيل الدرجات العُلَى في جنَّات النعيم؛ لذلك حافظ عليه المتقون، فقاموا يتهجَّدون في ظلام الليل بين يدي الله الكريم، تركوا لذَّة النوم ولذَّة الفِراش الدافئ المريح طلبًا لما عند الله تعالى، فجاء القرآن بالثناء عليهم ومدحهم، فقال ربُّنا سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 15 – 18] ووصف لنا ربُّنا سبحانه حالهم فقال سبحانه: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 16، 17].
قام المتقون في ثلث الليل الآخر بالأسحار يستغفرون الله ويدعونه حين سمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟))؛ البخاري.
ولقد كان سيد المتقين وإمامهم صَلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتورَّم قدماه، وكان يقوم في رمضان كما وصفت لنا أُمُّ المؤمنين عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها: قالَتْ: (ما كانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً؛ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا)؛ البخاري.
ولقد ضرب لنا صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في قيام الليل حتى أنهم وهم في الغزوات والحروب لا يتركون قيام الليل، فهذا عباد بن بشر رضي الله عنه يصلي قيام الليل حتى وهو في الجهاد، فعن جابر رضي الله عنه قال: لما عدنا من غزوة ذات الرقاع نزلنا منزلًا، فقالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن رجُلٌ يَكْلؤُنا؟)) فانتَدبَ رجلٌ منَ المُهاجرينَ ورجُلٌ منَ الأنصارِ، فقالَ: ((كونا بفَمِ الشِّعبِ))، قالَ: فَلمَّا خرجَ الرَّجُلانِ إلى فَمِ الشِّعبِ اضطجعَ المُهاجريُّ، وقامَ الأنصاريُّ يصلِّي، وأتى الرَّجلُ (يعني: من العدوِّ) فلمَّا رأى شخصَهُ (أي: عباد رضي الله عنه) عرَفَ أنَّهُ ربيئةٌ للقومِ، فرماهُ بسَهْمٍ فوضعَهُ فيهِ فنزعَهُ، حتَّى رماهُ بثَلاثةِ أسهمٍ، ثمَّ رَكَعَ وسجدَ، ثمَّ انتبَهَ صاحبُهُ، فلمَّا عرَفَ أنَّهُم قد نذَروا بِهِ هربَ، ولمَّا رأى المُهاجِريُّ ما بالأنصاريِّ منَ الدَّمِ، قالَ: سُبحانَ اللَّهِ! ألا أنبَهْتَني أوَّلَ ما رمى، قالَ: كنت في سورةٍ أقرَؤُها فلَم أحبَّ أن أقطعها؛ صححه الألباني، وهكذا حال المتقين من سلف هذه الأمة في رمضان، ولقد جاء حديث السائب بن زيد قال: (كان القارئ يقرأ بالمئين – يعني: بمئات الآيات – حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، قال: وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر).
ومن أعجب ما جاء عن السلف في القيام ما جاء عن ثابت البناني رحمه الله قال: “اللهم إن أذنت لأحد أن يصلي في قبره فأْذَن لثابت أن يصلي في قبره” هذه هي أخبار القوم؛ فتشبَّهوا بالرجال إن لم تكونوا مثلهم، إن التشبه بالرجال فلاح.
سادسًا: الدعاء:
إن الدعاء من أظهر صفات المتقين، ومن أسمى سماتهم، فهم لا ينفكُّون عنه، ولا يتركونه كما كان حال سيد المتقين وإمامهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم يسعون كمال السعي إلى بلوغ رضوان الله تعالى والفوز بالنعيم المقيم في الجنة دار كرامته ونُزُل أوليائه المتقين، إنَّ المتقين لهم هِمَمٌ يتفرَّدون بها، ويسمون بها، تبعثهم على دوام المسارعة إلى ربِّهم، وسِرُّ ذلك الدعاء؛ فإن الدعاء هو مِفْتاح الخيرات، وبه تُستجلَب الرحمات، وبه تُدفَع النقم والبلايا والرزايا، وإن للدعاء صلة عظيمة بشهر رمضان أخبر عنها الرحمن سبحانه حين قال: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186] جاءت هذه الآية في وسط آيات الصيام، لنعلم أن الصيام والدعاء قرينان، وأنَّ للمتقين في رمضان مع الدعاء شأنًا والله عجيب، فهم يجمعون مع الدعاء حضور القلب؛ بل ويجمعونه بكُلِّيَّتِه على المطلوب، ويتخيَّرون أوقات الإجابة فيدعون الله فيها بين الأذان والإقامة وأدبار الصلوات وأثناء الصيام وعند الإفطار وعند صعود الإمام المنبر وآخر ساعة من يوم الجمعة، يدعون ربَّهم بخشوع وانكسار بين يدي الكبير المتعال مُتذلِّلين له متضرعين خائفين راجين مُشْفِقين يرفعون أكُفَّ الضراعة يبدءون دعاءهم بالحمد والثناء لله، ثم يصلُّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقدمون بين الدعاء توبةً واستغفارًا، يلحُّون في المسألة، يدعون ربَّهم تضرُّعًا وخفيةً كما أمر الله ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55] يتوسَّلون إلى الملك سبحانه بأسمائه وصفاته وتوحيده ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180]، ويتخيَّرون من الدعاء ما كان يدعو به سيِّدُ المتقين محمدٌ صلى الله عليه وسلم، ويحسنون الظن بالله، إن الله لا يخيب رجاء من دعاه ((إنَّ اللَّهَ حيِيٌّ كريمٌ يستحي إذا رفعَ الرَّجلُ إليْهِ يدَيْهِ أنْ يرُدَّهما صفرًا خائبتينِ))؛ صحَّحه الألباني؛ بل إنهم ليرتقون إلى درجة أسْمَى وأعلى وأغلى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “قال بعض الشيوخ: إنه ليكون لي إلى الله حاجة، فأدعوه، فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مُناجاته ما لا أحب معه أن يعجِّلَ قضاء حاجتي؛ خشيةَ أن تنصرف نفسي عن ذلك؛ لأن النفس لا تريد إلا حظَّها فإذا قُضيَ انصرفت” فاحرصوا يا عباد الله على الاجتهاد في الدعاء في رمضان؛ فلعل الله أن يتقبَّل منا دعوةً تكونُ فيها نجاتُنا في الدنيا والآخرة، اللهم آمين.
وفي ليلة القدر يزداد الدعاء؛ فعن أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلة القدر، ما أقول فيها؟) قال: ((قولي: اللهُمَّ إنك عفوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عني))؛ صحَّحه الألباني، ورواه الترمذي.
سابعًا: تلاوة القران:
إن للمتقين مع كلام ربِّ العالمين سبحانه شأن عظيم، فهم يُداومون على تلاوة ربيع القلوب وشفاء الصدور ونور البصائر وحياة القلوب والأبدان؛ فأورثهم ذلك المحبَّة والشوق والخوف والإنابة والتوكُّل والرِّضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة القلوب؛ بل وزجر القرآن قلوب المتقين عن الأفعال والصفات المذمومة التى بها فساد القلب وهلاكه، هذا وإنَّ لشهر رمضان خصوصية بالقرآن عظيمة، ولم لا وهو الشهر الذى نزل فيه القرآن؟! قال الله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].
ولقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم شأنٌ مع القرآن في رمضان جاء عند البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيُدارسه القرآن”، وجاء في الصحيحين أيضًا “وكان يعارضه القرآن في كل عام مرة وفي العام الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عارضه جبريل القرآن مرتين” بل كان صلى الله عليه وسلم يحب أن يسمع القرآن من غيره، وكان يبكي عند سماعه كما جاء عند البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “قالَ لي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((اقْرَأْ عَلَيَّ))، قُلْتُ: أأقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: ((فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي))، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قالَ: ((أمْسِكْ))، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، وكان صلى الله عليه وسلم كثير القراءة للقرآن حتى إنه كان يقرأ وهو على راحلته كما جاء عند البخاري عن عبدالله بن مغفل رضي الله عنه قال: “رَأَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ وهو علَى نَاقَتِهِ أوْ جَمَلِهِ، وهي تَسِيرُ به، وهو يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ – أوْ مِن سُورَةِ الفَتْحِ – قِرَاءَةً لَيِّنَةً يَقْرَأُ وهو يُرَجِّعُ”، وكان صلى الله عليه وسلم شديدَ التأثُّرِ بالقرآن إذا سمعه أو قرأه، فعن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه قال: “رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي وفي صدرِه أزيزٌ كأزيزِ الرَّحى مِنَ البكاءِ، صلى الله عليه وسلم”؛ صححه الألباني.
وهكذا كان المتقون الأوائل من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله ومن سار على نهجهم، فهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه عاش حياته مع القرآن حتى إنه قُتِل رضي الله عنه وهو يقرأ القرآن، قالت زوجته رضي الله عنها لمن أراد قتله لما دخلوا عليه: “اقتلوه أو دعوه، فوالله لقد كان يحيي الليل بالقرآن في ركعة” رضي الله عنه يقرأ القرآن كله في ركعةٍ واحدةٍ، وهذا سلام بن مطيع رحمه الله يقول: “كان قتادة رحمه الله يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان يختم كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة”، وهذا أبو بكر بن عياش رحمه الله لما حضرته الوفاة بكَتْ أختُه فقال لها: ما يُبْكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختم أخوك فيها القرآن ثمانية عشر ألف ختمة.
إخوة الإيمان، يقول ابن القيم رحمه الله: “إن القرآن هو نور البصائر مِن عَماها، وشفاء الصدور من أدوائها وجواها، وحياة القلوب ولذة النفوس، ورياض القلوب وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، والمنادي بالمساء والصباح يا أهل الفلاح، حي على الفلاح، نادى منادي الإيمان على رأس الصراط المستقيم ﴿ يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الأحقاف: 31]”؛ المدارج ٢٧/١، ويقول أيضًا: “إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبَك عند تلاوته وسماعه، وألقِ سمعَك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه”، ويقول رحمه الله: “فَلَا تَزَالُ مَعَانِيهِ تُنْهِضُ الْعَبْدَ إِلَى رَبِّهِ بِالْوَعْدِ الْجَمِيلِ، وَتُحَذِّرُهُ وَتُخَوِّفُهُ بِوَعِيدِهِ مِنَ الْعَذَابِ الْوَبِيلِ، وَتَحُثُّهُ عَلَى التَّضَمُّرِ وَالتَّخَفُّفِ لِلِقَاءِ الْيَوْمِ الثَّقِيلِ، وَتَهْدِيهِ فِي ظُلَمِ الْآرَاءِ وَالْمَذَاهِبِ إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَتَصُدُّهُ عَنِ اقْتِحَامِ طُرُقِ الْبِدَعِ وَالْأَضَالِيلِ، وَتَبْعَثُهُ عَلَى الِازْدِيَادِ مِنَ النِّعَمِ بِشُكْرِ رَبِّهِ الْجَلِيلِ..”.
…كيف الوصول إلى عبادات المتقين
إن الوصول إلى عبادات المتقين ليس بالأمر الصعب، فلقد بلغها أُناسٌ كثيرون ما عليك أخي الكريم إلا أن تأخد بأسباب الوصول إليها والتوكُّل على الله، والله وحده هو المُوفِّق والمعين سبحانه، وإليك بعض أسباب الوصل إلى عبادات المتقين.
أولًا: الجأ إلى الله تعالى:
إن اللُّجوء إلى الله تعالى وطلب العون منه سبحانه من أعظم أسباب الوصول إلى المراد، ولقد كان سيِّد المتقين وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم يطلب العون من الله دائمًا، ويسأل ربَّه التوفيق والعون، فكان من دعائه ((اللهُمَّ آتِ نفسي تَقْواها))؛ رواه مسلم، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم أيضًا ((اللهُمَّ إني أسألك التُّقَى والهُدَى والعفاف والغِنى))؛ مسلم، وكان يقول أيضًا: ((اللهُمَّ أعِنِّي على ذِكْرِك وشكرك وحُسْن عبادتك))؛ صحَّحه الألباني.
ثانيًا: عظم شعائر الله:
فإذا عَظَّم العبدُ شعائرَ ربِّه، فحافظ على الصلاة في أول وقتها، وعظَّم أمْرَ الصيام فحفظه من اللغو والرفث، وعظَّم شأن سائر شعائر الله؛ كان ذلك سببًا في الوصول إلى عبادات المتقين؛ قال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].
ثالثًا: صاحب أهل الصدق المتقين:
فإذا صحب العبد أهل التقوى تأثَّرَ بهم، فتعلَّم منهم، فاقتدى بهم، وسار على نهجهم، واقتفى آثارهم، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].
رابعًا: اقرأ في سير المتقين وفي أخبارهم:
إن القراءة في سِيَر المتقين من الأنبياء والصالحين ومَن تَبِعَهم ترفع الهِمَم، وتدفع العبد إلى أن يكون مثلهم في عبادتهم وتُقرِّبهم إلى الله تعالى ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [يوسف: 111].
خامسًا: تعلُّم العلم النافع:
إن العلم النافع يُرشِد صاحبَه ويدله على الخير، ويزيد من خشيته لله تعالى، ويزيد من معرفة العبد لربِّه سبحانه وتعالى، ويرفع الجهل عنه، قال ابن القيم رحمه الله: “كمال الإنسان إنما هو بالعلم النافع والعمل الصالح، وهما الهدى ودين الحق”.
سادسًا: أكْثِر من الصيام:
إنَّ الثمرة المرجوَّة من وراء الصيام هي التقوى، والصيامُ هو أقصرُ طريقٍ إلى تقوى الله تعالى، قال الله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
سابعًا: أكثر من ذكر الآخرة:
إن ذكر الآخرة يُحيي القلوب، ويُوقِظ النفس من غفلتها، فبذكرها يقف العبد على حقيقة الدنيا وحقارتها فيدفعه ذلك لتقوى الله تعالى.

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى