كُتّاب عباقرة صقلهم الوجع “الفن فضح جرائم فرنسا الوحشية في حق الجزائريين العزل”

سمح النضال التحرري من أجل استقلال الجزائر الذي جسده واقعيا التفكير الابداعي الفني بكشف ويلات الاستعمار الفرنسي وتنبيه العالم إلى الظروف المعيشية التي يعيشها الشعب الجزائري في سبيل نضاله من أجل الاستقلال.

وقد فهم زعماء الثورة ضرورة القيام بالعمل النضالي على جميع الجبهات، بما فيها المسرح والأغنية والسينما والأدب والشعر والفنون الكلاسيكية بشكل خاص.

ففي عام 1958 أنشئت الفرقة الموسيقية لجبهة التحرير الوطني بتونس تحت قيادة الكاتب المسرحي مصطفى كاتب، والتي كانت تتكون من قرابة خمسين عنصرا، إذ أدت “دورا بطوليا” خلال حرب التحرير، مثلما أكده الكوميدي والكاتب المسرحي عبد الحميد رابية.وفي هذا الصدد، ساهمت عديد “الأعمال المسرحية والأغاني الوطنية الثورية” في تدويل النضال الشرعي للجزائريين من أجل تحقيق السيادة الوطنية.

فمن بين المسرحيات التي كتبت وعرضت بين 1954 و1962 نجد كل من “نحو النور” و”مونصرات” و”أبناء القصبة” و”الخالدون” و”دم الأحرار”، وهي مسرحيات كتبت بهدف تحسيس الرأي العام الوطني والدولي من خلال تصوير الواقع الذي تعيشه الجزائر التي تخوض حربا من أجل استقلالها.

كما انجذب الرأي العام الدولي للقضية الجزائرية من خلال المسرحيات والأغاني الوطنية مثل النشيد الوطني “قسما” لكاتبه مفدي زكرياء، و”أيما عزيزان اور تسرو” لفريد علي أو “قلبي يا بلادي لا ينساك” للهادي رجب، التي قدمت في عديد الدول.

من ناحية أخرى، ساهمت الصورة في ترجمة عزم الشعب الجزائري واقصاء الدعاية الكاذبة للمحتل الفرنسي. فبفضلها، شهد العالم أجمع على الممارسات غير الانسانية والفظيعة التي ارتكبها الجيش الاستعماري في حق الشعب الجزائري.

ووعيا منهم بأهمية دعم النضال التحرري بالصوت والصورة، كلف قادة الثورة السينمائي جمال شندارلي في 1955 بالتعريف بالقضية الوطنية في الخارج. فمن خلال دعم المصورين والصحفيين ورجال السينما الجزائريين والأجانب في شاكلة ريني فوتيه وبيار شولي وستيفان لابيدوفيتش وبيار كليمون وآخرين، دوت صرخة الشعب الجزائري في كل عواصم العالم، ونقلتها “قنوات تلفزيونية أمريكية وأنجليزية”.

من جانبهم، ساهم شعراء “الملحون” اسهاما كبيرا في نصرة القضية الجزائرية مستنكرين، في نصوصهم، أفعال الغدر والجرائم التي اقترفها المحتل الفرنسي، وأحيوا في قلوب الجزائريين ذلك الحس بالانتماء للوطن.

وكان الأمر كذلك بالنسبة للفنانين الرسامين الجزائريين في شاكلة محمد إسياخم ومحمد خدة وشكري مسلي وعبد الله بلعنتر الذين ساهموا في الثورة الجزائرية واسماع صداها خصوصا بباريس.

في عام 1957، رسم محمد إسياخم  “إلى أولئك الذين أرادوا العبور وبقوا”، وهي  لوحة مهداة إلى هؤلاء الشباب الجزائريين الباحثين عن الحرية، والذين ماتوا لى “خط موريس”، وهي شبكة مكهربة أقيمت على طول الحدود الجزائرية التونسية.

..  كُتّاب عباقرة صقلهم الوجع

في بداية الخمسينيات، جعل مولود معمري الشعب الجزائري يتكلم في أعماله مما سمح للجزائريين بالكشف عن حساسيتهم كشعب أصلي ووضعهم وشغفهم بوطنهم الذي يريدونه حرا، في “الدار الكبيرة” (1952) و “الحريق” (1954) ، أنشأ محمد ديب مسافة فكرية مكنته من عرض حالته ليدركها الخارج مما يسمح بملاحظة أفضل للوضع وتشكيل الوعي، كونهما شرطين مسبقين للانتقال إلى العمل.من جهته، يخبر مولود فرعون القارئ عن معاناة شعبه بسرد حالته في “ابن الفقير” (1950) بينما يمثل كاتب ياسين الناجي من مجازر 8 مايو 1945 الجزائر الواعية والمناضلة  في روايته الشهيرة “نجمة” عام 1956 وفي عام 1958 صدر “السؤال” لهنري علاق  وهو كتاب يدين التعذيب في الجزائر تحت نير الاستعمار.

تُبع هذا العمل ب “العام الخامس للثورة الجزائرية” لطبيب الأمراض العقلية والباحث  فرانتس فانون الذي نشر مجموعة مقالات أعيد تحريرها عام 1966 تحت عنوان “علم نفس ثورة” حيث درس حرب التحرير من خلال العديد من الآراء والدراسات الاجتماعية.

تمكن الفنانون الجزائريون من إبراز العبقرية الشعبية في التعبير عن استعدادهم لخوض معركة مع الاستعمار الفرنسي مما ساعد على تسجيل إرادة الجزائر المستقلة على جدول أعمال الأمم المتحدة.

أ.ن

Exit mobile version