غلق ساحات التظاهر يخلف ردود فعل رافضة

أقدمت سلطات ولاية الجزائر، ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، على تسييج ساحة البريد المركزي، التي ظلت القلب النابض للحراك الشعبي المستمر منذ 22 فيفري الماضي، ما أثار تساؤلات عن جدوى هذا الإجراء. وقال مصدر من بلدية الجزائر الوسطى، إن الإجراء مرتبط بدواع تقنية لحماية الموقع الأثري من خطر انهيار سلالم بناية البريد المركزي، التي يعود إنشاؤها إلى أزيد من قرن، وفق تعبيره.

وتسود حالة من الاحتقان الشعبي على خلفية هذه الخطوة، التي وصفها حراكيون بالانتقام من المظاهرات الشعبية التي تطالب برحيل رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وفجّر القرار جدلًا واسًعا على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وقرأ فيه ناشطون على أنه محاولة لعزل المحتجين عن ميادين التظاهر بالعاصمة، التي يرفع فيها الجزائريون مطالب رحيل بقايا رموز نظام بوتفليقة، وإرساء دولة الحق والقانون.

وإن برّرت مصالح ولاية الجزائر القرار بدواع تقنية لحماية المعلم الأثري من خطر انهيار سلالم البناية، التي تعود إلى فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، وتحديدًا عام 1910، إلا أن ذلك لم يُقنع عدد كبير من المواطنين، الذين شكّكوا في نوايا السلطة، قبل أن يعرض التلفزيون العمومي، مشاهد لاهتراء سلالم البريد المركزي، بشكل قالت إنه يعرض حياة المتظاهرين للخطر في حالة انهيارها.

وبالتزامن مع الجمعة الـ13 من الحراك، فرضت قوات الأمن، حصاراً مشدداً على محيط ساحة البريد المركزي، ما أثار غضب المتظاهرين الذين رفعوا شعارات تُندد بمحاولة التضييق على الحراك الشعبي، وهو ما تسبب في نشوب مناوشات بين الشرطة والمتظاهرين، بلغت حد استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، الذين أصروا على البقاء قرب الساحة وعدم مغادرة المكان، مردّدين شعارات مناوئة للشرطة.

ويأتي قرار غلق ساحة البريد المركزي، بعد أربع أسابيع من منع المحتجين من التظاهر داخل نفق الجامعة المركزية المؤدي إلى ساحة موريس أودان، إذ تلجأ مصالح الأمن إلى إغلاق منافذه بعربات تابعة لفرق التدخل السريع مع كل يوم جمعة.

وفي وقت سابق، حذّر المحامي والناشط الحقوقي عبد الغني بادي من التنازل عن السّلالم واعتبرها تنازلا عن “حق” من حقوق الحراك، وكتب على صفحته على الفايسبوك: “تنازلنا عن النفق الجامعي فأرادوا أخذ سلالم البريد المركزي، عندما تتنازل عن جزء من حقك يأخذون منك كل حقوقك، هكذا علمنا الحراك”.

بينما علق المحامي والحقوقي، مصطفى بوشاشي، على قرار السلطات محاصرة مقر البريد المركزي بالحواجز بالتزامن مع الجمعة 13 من الحراك بالقول إن هناك “محاولة للتضييق على الحراك الشعبي”، مشيرا في تصريح صحفي أن “هناك من يعتبر أن قلة الأعداد في الساحات ستؤدي إلى إفشال الحراك الشعبي، ويروجون لهذا الأمر من أجل كسر الحراك”.

ر. ب

Exit mobile version