المركز الثقافي بباريس يحتفي بالفنان التشكيلي الجزائري”رشيد قرشي”

احتفى أول أمس، المركز الثقافي الجزائري بباريس، بالمسيرة الإبداعية للتشكيلي رشيد قريشي التي تمتد لأكثر من ستة عقود، بحضور شخصيات معروفة في الوسط الثقافي والفني.

وقد نظمت الاحتفالية تحت شعار “الفن.. جبهة”، وتم الوقوف من خلالها عند أهم محطات حياة المبدع رشيد قرشي المتوَّج بجائزة محمود درويش للإبداع عام 2021، بعرض فيلم وثائقي بعنوان “حتى ظلي يشتاق إليك” للصحفي والمخرج لوران بولارد، وكذا المصور الرحال فيرانت فيرانتي الذي يقترح المسار الفني لقريشي عبر الصور، ناهيك عن الحضور المميز لأسماء الفكرية مثل الخبير في التراث الثقافي منير بوشناقي، والعالِم الباحث في تاريخ العلوم والرياضيات أحمد جبار.

ولد رشيد القريشي في الجزائر عام 1947، وشبّ في عين بيدا وسط منطقة جبال الأوراس، باشر دراساته الفنية في المدرسة العليا للفنون الجميلة في الجزائر العاصمة قبل أن ينتقل إلى فرنسا حيث تابع تحصيله في المدرسة الوطنية العليا للفنون التزيينية، وفي معهد الدراسات المدينية كما في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس، ترجع خلفية التأثيرات لدى القريشي إلى شمال أفريقيا وفرنسا مع أنه يولي أهمية للأفكار حول الإرث المشترك لما أنتجته الإنسانية ما قبل التاريخ وحول السبل التي تجعل من لغة الفن لغة كونية تحمل آفاقاً أممية. وفي حين يرتبط القريشي بعمق بتراث وتقاليد صوفية وبصرية مستمدة من الإرث الصوفي والحرفي في المغرب العربي، فقد أعاد صياغة الأفكار ونظم التواصل هذه في أعماله الفنية لكي تصبح جزءًا من مشروع فني جديد

وتتميز أعمال الفنان رشيد قرشي بالتحرر والحيوية، وتجمع بين التقاليد القديمة والحداثة، بارتكازه على الخط العربي، ابتكر القريشي نظامه الكتابي الخاص بشكل ما أو لغة الرسم التي تنطوي على أحرف أمازيغية وطوارقية ورموز صوفية. يبدو هذا الخط مقروءًا في بعض الأحيان لكنه تجريدي في الغالب مع تكرار مكثف يؤلف رموزاً أو أشكالاً معينةً. أهتم القريشي لفترة طويلة بالشاعر والعلامة جلال الدين الرومي الذي ألهمت مؤلفاته عدداً من أعمال التركيب في مشروع القريشي “طريق الورود” طويل الأمد. تتراوح أعماله من الصوفية والتجريدية إلى الرأي السياسي المباشر في حوار مع حركات التحرر والحركات الثورية، كما يشاهد ذلك في العديد من أعماله التي تدعم فلسطين والشعب الفلسطيني. تشمل أعماله المتنوعة أنماطاً متعددة من أشكال التعبير الفني، بدءًا من أعمال الحفر الحميمية، انتهاءً باللافتات كبيرة الحجم وأعمال التركيب، وهو يستخدم في ذلك مواد مختلفة بما فيها الطباعة الفنية والرسم الزيتي والسيراميك والأقمشة.

كان قريشي الأكثر ارتباطا بالعالمية بمفهومها الإنساني الشامل، لقد تحاشى شكل الحرف العربي واكتفى بحركيته وإيقاعه الروحي وهو عن طريق ذلك الفعل أسبغ على فنه صبغة توحي بالانتماء إلى عالم الفن، باعتباره مكان انتماء روحي.

وعرض القريشي أعماله على نطاق عالمي واسع، مثل بينالي البندقية في دورتيه 47 و49، ومعرض “البناء المفاهيمي في العالم” بمتحف كوينز للفنون، بنيويورك، و”القرن القصير” بميونخ، برلين، شيكاغو، نيويورك، كما شارك في معرض “الكلمة في الفن” الذي احتضنه المتحف البريطاني سنة 2006، كما أقام عدداً من المعارض الفردية في أماكن مثل ردهة مسرح قصر الإمارات ومتحف هربرت جونسون للفنون في جامعة كورنيل بنيويورك، وفي كنيسة سان مارتان، والقصبة الجزائر العاصمة ودارة الفنون بعمان، كما قدّم رسوماً في عدد من المطبوعات لأدباء مثل محمود درويش والرومي.

وفي العام 2011، نال القريشي “جائزة جميل” من متحف فكتوريا وألبرت للفنانين والمصممين المعاصرين الذين يستلهمون أعمالهم من الحرف والتصاميم الإسلامية التقليدية، ودخلت أعمال القريشي ضمن مقتنيات عدد من المجموعات العامة الكبرى، بما في ذلك المتحف البريطاني والمتحف الوطني للفن الأفريقي بواشنطن، ومتحف الفن الحديث لمدينة باريس وفي دارة الفنون بمؤسسة خالد شومان بعمان.​

Exit mobile version