الشاعر عمر أزراج: المجلات الجزائرية تعاني من غياب سياسيات تضبط رسالتها وتُفعّل دورها الوطني والعربي

يرى الشاعر عمر أزراج أن عدم تطور المجلات الثقافية والفنية في الجزائر وعدم بلوغ صيتها العالم العربي يرجع إلى أن إدارة هذه المجلات تخضع غالبا للمعايير السياسية والأمنية وللعلاقات والحسابات الشخصية ومزاج المسؤولين، مشيرا إلى أن مشكلة المجلات الجزائرية تتمثل في كونها لا تملك سياسات تضبط رسالتها وتحدّد وتفعّل دورها الوطني والإقليمي والعربي الشامل.

وقال الشاعر عمر أزراج في مقال له أن الجزائر كانت تمتلك عدد لا يستهان به من المجلات الثقافية والفنية والأدبية التابعة للجمعيات، ومن المجلات الأكاديمية المحكّمة التابعة لمخابر الجامعات على غرار مجلة “دراسات فلسفية” للجمعية الفلسفية الجزائرية، و”مقدمات” لمخبر الفلسفة بجامعة وهران ومجلتي “الخطاب” و”تمثلات” بجامعة تيزي وزو، وهناك مجلات تصدرها المجالس العليا مثل مجلتي “معالم” و”اللغة العربية” التابعتين للمجلس الأعلى للغة العربية، و”البصائر” التي يصدرها المجلس الأعلى للشؤون الدينية، و”الجيش”، و”المثقف”، و”المعابر” التي أسسها المطرب القبائلي الشهير آيت منقلات، بالاضافة إلى مجلة “الأصالة”، “الثقافة”، و”آمال”، و”المجاهد الثقافي”،.. وغيرها من المجالات، غير أن ما يلاحظ أن كل هذه المجلات لم تقدر أن تتحول إلى منابر ثقافية وفكرية وفنية ذات صيت عربي شامل ولم تتمكن من استقطاب الأدباء والمفكرين والفنانين الكبار في الوطن العربي إلا بعض الأسماء القليلة التي تعد على أصابع اليد، وهذا ما أدى إلى بقاءها محلية ولم يكتب لها أن تنال الشهرة أو تحدث التأثير المرجوّ في الحياة الفكرية والأدبية والفنية العربية المعاصرة، مثلما كان حال مجلات “الآداب”، و”العربي”، و”الفكر المعاصر”، و”شعر”، و”مواقف” و”الناقد”، و”الكاتبة”، وغيرها من المجلات العربية الطليعية التي توقفت الآن عن الصدور.

وفي هذا الصدد تحدث الشاعر أزراج مؤكدا بأن إدارة المجلات الثقافية في الجزائر تخضع غالبا للعلاقات والحسابات الشخصية ومزاج المسؤولين يعني أن مشكلة المجلات الجزائرية تتمثل في كونها لا تملك سياسات تضبط رسالتها وتحدّد وتفعّل دورها الوطني والإقليمي والعربي الشامل، وبهذا الصدد تساءل الشاعر إن كنت هناك إمكانية أن تصنع أيّ مجلة ثقافية جزائرية راهنة الحدث محليا وخارج حدود الوطن؟

وفي رده عن طرحه هذا وجهة أسئلة أخرى تتعلق بالمجلة التي استحدثتها وزارة الثقافة مؤخرا باسم “انزياحات” التي لقت الكثير من اللغط شهدته الساحة الثقافية والإعلامية الجزائرية، وقال بهذا الصدد “ما يؤسف له أن كل النقاش البيزنطي الذي دار حتى الآن هو حول شرعية اسمها وذلك بسبب تكراره في مجلة “انزياحات” التي أصدرها في اليمن شاعر يمني يدعى فتحي أبوالنصر، والذي احتج على هذا التصرف الجزائري المخالف لقوانين الملكية الفكرية في رسالة موجّهة إلى الرأي العام وجاء فيها “تفأجات بأن وزارة الثقافة الجزائرية تصدر مجلة باسم ‘انزياحات‘ وهو عنوان مجلتي التي أصدرتها في 2010”. وفي رسالة أخرى طالب أبو النصر وزير الثقافة اليمنية بالتدخل لدى وزارة الثقافة الجزائرية لحسم هذه المشكلة والحفاظ على حقه في ملكية هذا الاسم.

وفي هذا الخصوص يقول كان بإمكان وزارة الثقافة الجزائرية  تفادي الوقوع في مثل هذا المطب غير المهني بواسطة استشارة أهل الاختصاص العارفين بأسماء المجلات الموجودة في العالم العربي أو بمطالبة مجموعة المحررين المكلفين بإنشاء هذه المجلة والإشراف عليها بالقيام قبل إطلاق التسمية عليها بالبحث في شبكة غوغل عن قوائم أسماء المجلات المتداولة، وبعد التحريات يمكن اختيار اسم لا يثير أيّ جدل. وما أثر سخط المثقفين حسب الشاعر أسماء المعينين لإدارة تحرير المجلة قد طفت على السطح بمثل هذه الحدّة بسبب عاملين أساسين، أولهما يتعلق بالارتجال الناشئ عن محاولة وزارة الثقافة القيام بأيّ عمل لتعبئة الفراغ الناشئ جراء وباء كورونا، وعدم الاستقرار السياسي في البلاد، وثانيهما له علاقة بعدم تشاور الوزارة أولا وقبل كل شيء مع الجمعيات الثقافية والفنية فضلا عن تجاهلها للكثير من الشخصيات البارزة في المشهد الثقافي الوطني، وحتى لاتحاد الكتاب الجزائريين رغم أنه يعاني بدوره من الانقسامات والتفكك منذ مدة طويلة، وهناك من يفسر الخلاف حول المجلة حسب أزراج بعوامل أخرى منها إسناد إدارتها وتحريرها إلى أشخاص ينظر إليهم بأنهم لم يتمرسوا على تسيير المجلات الأدبية والفكرية، وثمة من يتهم بعضهم الآخر باحتكار هذه المجلة بسبب التواجد في مواقع المسؤولية بوزارة الثقافة سواء بصفة مستشار أو بصفة أمين عام بالنيابة، وفضلا عن ذلك فهناك من ينتقد بعض أعضاء الهيئة المشرفة على التحرير بأنهم جاؤوا من تخصصات أكاديمية تنتمي إلى التعليم العالي، وليسوا ممّا يدعى في الجزائر بأسرة الثقافة الأدبية والفنية.

نسرين أحمد زواوي

Exit mobile version