كتب

الشاعر اليمني أحمد الشلفي يطرح أسئلة الحرب في مجموعته “قمر يتبعني”

هيمنت مناخات الحرب والمنفى على المشهد الشعري في اليمن، وعبّرت معظم نتاجاته عن لحظة انفعال بالحدث أو وصف له، تنحو أكثر نحو المباشرة ورصد المأساة المستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام، وليس نحو كتابة متأمّلة ربما تنضج بعد حين.

في هذا السياق، تحضر تجربة أحمد الشلفي الذي صدرت له حديثاً مجموعته الشعرية “قمر يتبعني” عن “دار كنوز المعرفة”، والتي تتفاوت قصائدها في الموضوع والأسلوب والفنيات وكذلك في الشكل الذي يتوزّع بين النثر والتفعيلة وعمود الشعر، في تجاور يفرض تدقيقاً في بنيتها وإمكانيات التجريب.

المجموعة الرابعة للشاعر تحتوي تسعة وعشرين نصاً تقارب قضايا متنوعة، وعنها يقول في حديثه إلى “العربي الجديد” إنها “مختلفة في الشكل وفي المساحة الزمنية والأسلوب، مقارنة بإصداراتي الثلاثة السابقة، فهي إذ تعكس تبدلّاتي في الكتابة، ترصد أيضاً تحولات المكان والزمان والرؤية”، يوضح الشلفي: “في محموعاتي السابقة حضر نص التفعيلة أكثر، وفي “قمر يتبعني” كنت أكثر ميلاً للقصيدة أو النص المفتوح دون تخطيط”، مشيراً إلى أن “الحرب تشعل الأسئلة الحارقة، إذ تفتح بجحيمها الأبواب على أسئلة لا أجوبة لها، وبما أن الحرب تطاردني وتطارد الملايين من أبناء وطني فهي تظل مفتاح الأسئلة القلقه في ظل متابعتي ليومياتها كصحافي أيضاً.

يلفت أيضاَ إلى أن “النصوص في المجموعة نتاج عام بين 2018 و2019، إلى جانب نصين أو ثلاثة كُتبت في 2014، ولم أختر بالتحديد توقيت إصدار الديوان، لكن هذه أوبة من الحرب إلى الشعر والكلمات. صحيح أن هذه النصوص رأت النور خارج حدود بلادي لكنها رصدت أنفاس تلك البلاد التي تحاول أن تمنحنا قوتها بين أكوام الرماد والمتحاربين”.

في قصيدة “آخر تابوت”، يكتب “لم أكن أنوي الكتابة، كنت أتمشى، وكانت الكلمات تتبعني، أقكاري تتساقط مني، الحرب والضحايا، الغربة والتشرد، والأطفال الجائعون، والأمهات اللواتي لا يعرفن، لماذا غادر أبناؤهن للقتال، والدموع كانت تشق صدر السماء، مرّت التوابيت أمامي، كل نعش يحمل موتاً كاملاً، والموتى حين يعودون من حتفهم، لا يعلمون حقاً، هل هم شهداء أم قتلة!، آخر تابوت في مهرجان الموت، يعلم أنها ليست القذيفة الأخيرة، وانه ليس الجاني الأخير، قلت لتفسي وأنا أعد التوابيت، ماذا لو كنت هنا..، أأكون قاتلاً أم شهيداً؟، ويماذا سيلفون جثماني، بالأحمر أم بالأخضر، وعندما يرفعونني فوق الأكتاف، سيطلقون الصرخة، أم سيرددون الشهيد؟، إنها الحرب، كذبة المتحاربين، الضحايا وحدهم لا يعرفون الكذب!، المتحاربون يذهبون للمفاوضات، والقتلى للنعوش!”.

كايات يمنية صغيرة لم توقف ضجيج الحرب.. هكذا تكلم الشاعر والصحفي اليمني أحمد الشلفي في ديوانه الصادر حديثا بعنوان “قمر يتبعني”، وواصل السير شعرا باحثا عن سماء جديدة يحضر فيها الحب وتغيب الحرب، بعد ثلاثة دواوين سابقة لم توقف ضجيج الحرب. يقول الشلفي إن قصائده الشعرية تعد “استدارة شعرية جديدة إلى الداخل الذي تاه في عوالم الحرب والسياسة”، ويعتبر أن المجموعة الجديدة مختلفة في الأسلوب والشكل والمساحة الزمنية مقارنة بإصداراته السابقة، وفي دواوينه السابقة حضر نص التفعيلة أكثر، أما في “قمر يتبعني” -“فبدوت أكثر ميلا للقصيدة أو النص المفتوح دون تخطيط”.

يقول الشلفي إن الحرب لا تصدر سوى الموت والدمار ولكن طبول الحرب لم تخفِ الرواية والشعر اليمني من الساحة، وخلال هذه الفترة صدر الكثير بالفعل لكن “ما نحتاجه الآن هو توثيق أدبي لهذه الحرب البشعة وآثارها، وأتوقع أن الفترة المقبلة ستحفل بالكثير من الشعر والرواية والمسرح والفن”.

يذكر أن أحمد الشلفي صدرت له ثلاث مجموعات شعرية هي: “تحولات الفتى والمساء” (2000)، و”جرح آخر يشبهي” (2004)، و”ويد غافلته” (2016).

 

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى