ثقافة وفن

الروائي كمال بركاني”المركزية سبب في إقصاء الكثيرين من المشهد الثقافي الجزائري”

يرى الكاتب الجزائري كمال بركاني أن المشهد الروائي الجزائري تمكن من إثبات حضوره المميز على مستوى الوطن العربي، باعتبار أن الجزائري يكتب بقوة جمالية وبعنف أيضا وكتابته تتميز بالزخم الفكري والفلسفي

عدد الروائي الجزائري كمال بركاني في حوار له نشر بجريدة “العرب” بعض المشكلات التي تحول دون التدفق القوي للرواية الجزائرية، منها ما تعلق بمستوى الماركتينغ، صناعة الكتاب وتسويقه، غياب لجان القراءة على مستوى دور النشر التي تحولت إلى دكاكين للبيع حسبه، وأغرقت الساحة الأدبية بمنتجات مضرة بالصحة الإبداعية وسلامة الذوق الرفيع، كما أن غياب ثقافة تسويق الكتاب والمرافقة النقدية والتحفيز المادي، حوّل الكتاب الحقيقيين إلى متسولين، ما جعلهم يتوقفون عن الكتابة، لأنها تأخذ كل شيء ولا تبقيك على قيد الحياة، مقابل ذلك، أفرز هذا الواقع المريض كتبة مثل آلات الطبع والنسخ تماما.

ومن رؤاه لوضع حل لهذه المعضلة التي شكلت عائقا كبيرا في تطوير المشهد الأدبي بالجزائر هو ضرورة الدفع بالرواية الجزائرية إلى آفاق أكبر من خلال تشجيع النشر المشترك في الوطن العربي فهو قد يسهم حسبه في إضاءة المدينة ولو بفانوس وحيد كمال يقول، كما دعا إلى ضرورة البحث عن آليات لرفع نسبة المقروئية، من خلال خلق مناخ ملائم للرفع من جودة النص للقارئ وتحفيز المؤلف الذي يعد مفتاح ولوج الحضارة.

ومن جهة أخرى تحدث الكاتب عن ما يعرف بالمركزية التي يقول عنها أنها جنت على كل الدول الوطنية، موضحا ذلك بقوله “أن تمسك كل شيء بيدك، بمعنى أن تبتلع كل شيء، لتتعطل طاقات كبرى، كان يمكن أن تستعملها للإقلاع، مع المركزية، يتمركز الفضاء المفتوح والإعلام والجامعة والأكسجين في العاصمة، تنتعش الحياة هناك، وتبدأ بالموت كلما ابتعدت عنها نحو الهوامش” متابعا حديثه” هذا الهامش يبدع بجمالية عظمى لا يحتفى بها، لذلك المبدع فيه، سرعان ما ينطفئ، لأن صوته لا يصل، أصوات أخرى فيه، هاجرت صوب المركز أو خارج الوطن وهي الآن تصنع بهجة الكتابة”، فالمركزية، في رأيه، نظام لا يضمن تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، وهو جريمة عظمى في حق أولئك الذين سقطوا في منتصف الطريق أبدعوا في صمت رهيب، ومضوا في صمت مطبق.

وعن ما يقدمه النقد لتطوير الحركة الأدبية بالجزائر تأسف بركاني على حال النقد في الجزائر، وقال “نحن لا نملك على مستوى النص مؤسسة نقدية، فباستثناء بعض الأقلام المعدودة، الساحة فقيرة جدا، لست أدري إن كانت الدراسات النقدية تخصص غير مرغوب فيه، أم لأننا شعب لا يملك حسا نقديا أكاديميا بطبعه، حتى الإعلام الثقافي على مستوى الصحف فقد صيته الذي كان يبهر به في ما قبل تسعينات القرن الماضي، كل شيء تم إعادة رسكلته لصالح المال وثقافة الاستهلاك، ببساطة، ثمة خلل كبير في المشروع الثقافي الجزائري،حيث قال “عندما تتخلى الجامعة عن مركزها الإشعاعي، يتوقف كل شيء، قراءات قليلة شرحت نصوصي باحتفائية جليلة، دراسات نقدية أخرى تعرضت لها”.

وعن ما حققه الحراك الشعبي للجزائر طرح الروائي كمال بركاني كغيره أسئلة كثيرة منذ أن بدأ الشارع يتحرك مطالبا بالحرية والتغيير ويعتبر أن أهم سؤال يجب أن يعاد التفكير فيه هو عن الأدوار الحقيقية التي يجب على المثقف أن يقوم بها، حيث قال”هل للمثقف دور في حدوث هذا الحراك؟.. المتابع للحالة الجزائرية، وهي مطابقة لجميع ثورات الربيع العربي، يكتشف ببساطة أن الوعي السياسي صار يصنع خارج الأطر التقليدية، الأحزاب والمجتمع المدني والإعلام، أعني في الملاعب والمقاهي الشعبية وشبكات التواصل الاجتماعي، وعليه يجدر بنا أن نعترف بأن المثقف تفاجأ مثل السياسي والإعلامي بهذا الحراك العظيم، جزء من المثقفين انضم إليه عن حب وقناعة، وجزء آخر، كعادته، باق يترصد الغنيمة، المشكلة أن أي حراك أو ثورة شعبية سلمية، إذا لم تؤطر مآلها الفشل، وهذا ما حدث في كل التجارب العربية مع فارق في التجربة التونسية، رغم نقاء الذين يمشون في الشوارع كل جمعة وإخلاصهم، إلا أن ذلك لا يكفي، لأن التنظير والتأطير يبقيان اللقاح الفعال لوقاية الحراك من الاختراق من عدوه أو الاحتراق بنفسه.

نسرين احمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى