ثقافة وفن

الدكتور حسن تليلاني يؤكد: وسائل التواصل الاجتماعي أعادت المؤسسات الثقافية إلى الحياة والنشاط

  • جائحة كورونا سمحت بوضع المؤسسات الثقافية في قلب العصر

يرى الدكتور حسن تليلاني أن جائحة كورونا التي أثرت بشكل سلبي على العديد من القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبخصوص المسرح إلا أن لها البعض من الإيجابيات بعدما أجبرت الجميع البقاء بالبيت فمكنت الكثيرين من استغلال أوقاتهم في قراءة عيون المسرح، وفي مطالعة الكتب و كتابة النصوص وإعداد مشاريع مسرحية جديدة، وفي تعميق المعارف بعلوم المسرح، والذي صيب مستقبلا في رصيد الحركة المسرحية لما بعد الكورونا.

قال الدكتور حسن تليلاني خلال تنشيطه للعدد السادس والثلاثين من منتدى المسرح، إن آثار جائحة فيروس كورونا في حياتنا ستكون وخيمة على جميع الأصعدة والمستويات الصحية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وحتى النفسية، فهذا الوباء يقول الدكتور قلب حياة الجميع رأسا على عقب وأجبر على العيش وسط ظروف لم نكن مؤهلين لها، مشيرا إن الواقع الذي فرضه علينا هذا الوباء اللعين قد أجبر الجميع على تعميق آليات التفكير في العيش تحت سلطة الكورونا، ولكن التفكير أكثر فيما بعد الكورونا، والملاحظ أن هذا الوباء مثلما يستفيد من ضعف مناعة ضحاياه، فإنه بالمقابل قد طور ورفع من مناعة مقاوميه.

وبخصوص قطاع الثقافة، يشير الدكتور إلى أن جائحة كورونا قد تسببت في إغلاق المؤسسات الثقافية، و منها المسارح فقد كنا في الجزائر على وشك عقد الطبعة 14 من “المهرجان الوطني للمسرح المحترف” و من ضمنه مؤتمر العلمي “همزة وصل” بإشراف “الهيئة العربية للمسرح” شهر مارس الفارط، لكن بسبب الوباء تم تأجيل المهرجان  كذلك المؤتمر، كما تم توقيف كل العروض المسرحية والنشاطات الفنية المرافقة، وفي لحظة وجدنا أنفسنا أمام حالة من العجز واليأس والقنوط، لولا أن بدأنا نفكر في استخدام وسائل الاتصال الالكترونية عبر شبكة الانترنت كالفايسبوك واليوتيوب والواتساب وغيرها…

ونوّه في السياق ذاته أن هذه الوسائل مكنت مختلف المؤسسات الثقافية من العودة للحياة والنشاط من جديد وذلك عبر إطلاق منصات افتراضية ومنتديات إلكترونية فرضت نفسها كبدائل قوية لتنشيط الحياة المسرحية بأكثر قوة و فعالية، حيث يمكن ملاحظة ذلك انطلاقا من الملامح الآتية: لجوء المؤسسات المسرحية إلى إنشاء مواقع إلكترونية وصفحات ومنتديات على الفايسبوك واعتمادها كذاكرة توثيقية سمعية بصرية لكامل المنجز المسرحي، يتم من خلالها تقديم العروض المسرحية جديدها وقديمها و كذلك خلق نقاشات حولها، وهذه مبادرة جيدة جدا كنا دائما ندعو إليها خاصة وأن طلبتنا في الجامعات يحتاجون إلى مشاهدة تلك الأعمال المسرحية و تحميلها من أجل دراستها في ما تعلق بكلاسيكيات المسرح الجزائري وعروضه الخالدة ، وهذا يعني أن الكورونا قد فتحت أبواب مسارحنا من حيث شاءت إغلاقها.

بالإضافة إلى ذلك يقول الدكتور، منتدى المسرح الوطني الجزائري على الفايسبوك وهو لقاء افتراضي يجمع علماء المسرح وصناعه من الجزائر وخارجها لمناقشة مواضيع مختلفة تخص الفن المسرحي، وقد نشطت شخصيا عدة أعداد من هذا المنتدى المهم جدا، مثل تنشيطي لعدد خاص بالمنجز المسرحي الجزائري بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمسرح 27 مارس، وعدد خاص بتوظيف التراث في المسرح بمناسبة انطلاق شهر التراث في 18 أفريل، كما نشط غيري أعدادا أخرى من هذا المنتدى الذي تشرفنا فيه بمشاركة مسرحيين كبارا أمثال “احميدة العياشي” و”عبد الكريم بن عيسى” والفنان “حميد قوري”، كما سعدنا بمشاركة أشقاء عرب أمثال الناقدة “مجد القصص” من فلسطين، والبروفيسور “مصطفى الرمضاني” من المغرب، والبروفيسور “إسماعيل سيد علي” من مصر، إضافة إلى عشرات لأسماء من الباحثين والأكاديميين من الجزائر لهم حضورهم المميز المحلي وتميزهم في المحفل الدولي، حيث استطاع هذا المنتدى الافتراضي أن يناقش الكثير من المسائل برؤية علمية مكنت الصحافة الجزائرية من الاقتراب أكثر من آليات صناعة الفرجة، وأشير إلى أن الكثير من المسارح الجهوية بعثت منتديات مماثلة على غرار ما فعل مسرح الجلفة وبسكرة، و ما قدمته صفحة infos théâtre dz لصاحبها النشيط جدا “مولاي ملياني” ومسرح العلمة بإشراف الدكتورة الباحثة القديرة “ليلى بن عائشة” وغيرها… ، مؤكدا أن تجربته في استعمال تقنية اليوتيوب والبث المباشر على الفايسبوك لمحاضرات تتناول قضايا المسرح منذ ما قبل الكورونا أي منذ أكتوبر الماضي، وتجارب بعض أساتذة المسرح على تقديم مداخلات سمعية بصرية عبر المنصات الافتراضية للمؤسسات المسرحية مثلما فعل الدكتور محمد بوكراس والدكتور مفتاح خلوف والدكتور عبد الحميد ختالة والدكتورة ليلى بن عائشة.

وأشار الباحث إلى أن كوفيد 19 قد وضع جميعا في النهج السليم وهو نهج استخدام مختلف الوسائط الالكترونية للنهوض بحياتنا المسرحية وتنشيطها وخاصة لملمة ذاكرتها المبعثرة.

ضف إلى ذلك يقول الدكتور، قيام بعض رجال المسرح بمبادرات فردية لتنشيط الحركة المسرحية ، و ذلك بكتابة مقالات نقدية لقيت صدى كبيرا لدى الفسابكة على غرار ما فعل الصحفي الناقد “علاوة وهبي” في التعريف ببعض أعلام المسرح الجزائري العربي و العالمي، و كذلك تلك المبادرة الرائعة التي قام بها مولاي ملياني، كما نذكر الدكتور “حبيب بوخليفة” الذي يتابع كل ما يكتب حول المسرح فيناقش و يسجل رأيه بموضوعية، والأسماء كثيرة تعدادها الكثير وهي تعكس حقا وعي هذه النخبة في التزامهم على تحريك الفعل الثقافي نحو الممتاز…

واسبشر المتحدث خيرا بمستقبل المسرح بعد الكورونا واعتبره واعدا وسيضع المؤسسات المسرحية في قلب العصر الذي نعيش فيه وهو بالتأكيد عصر السمعي البصري، فنحن إذن لم نخسر كثيرا بل كسبنا رهانات جديدة، و لعل الأمر الوحيد الذي خسرناه ولا يمكننا تعويضه هو كون الفرجة المسرحية هي فن حي يقتضي وجود فعلي للمثلين والجمهور في قاعة عرض وليس عبر الافتراضي، وهو الطموح الذي نتطلع عليه بعد زوال هذه الجائحة وعودة المياه إلى مجاريها، حيث سيعود مسرحنا الجزائري بأكثر قوة محلقا في سماء الواقع الواقعي والواقع الافتراضي أيضا.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى