ثقافة وفن

الدكتورة منى بن الشيخ: اللغة المسرح تعتمد على طبيعة موضوع العمل

طرحت الدكتورة منى بن الشيخ أستاذة في جامعة الجلفة في العدد الجديد من منتدى المسرح موضوع  اللغة في المسرح، وأكدت خلاله أن اللغة هي وسيلة تعبيرية تجسد لغة الحوار، غير أن المسرح يعتمد بالأساس على الأداء التعبيري الجسدي للممثل.

بدأت الدكتورة منى بن الشيخ مداخلته في المنتدى الذي شارك فيه عدد كبير من المختصين في الفن الرابع بالتعريف بالمسرح وقالت إنّه فن من الفنون الأدبية، يعمل بالدرجة الأولى على ترسيخ الأفكار الجميلة والهادفة في أذهان الجماهير، فهو وسيلة وأداة للتوعية والتربية والنهوض بالمجتمع على غرار الترفيه عن النفس والمتعة والفرجة.

ومن أجل أن يقوم المسرح بمهمته في المجتمع، تقول الدكتورة  عليه أن يحتضن في المسارح وقاعات العرض جميع شرائح المجتمع، حيث يأخذ بعين الاعتبار عنصر المتفرج أو المتلقي. ومن أهم الممرات التي توصلنا للمتفرج هي اللغة، وبالرغم من أن المسرح يعتمد على لغة الجسد على حساب الحوار في التعبير، إلا أن اللغة شيء مهم في بناء الأحداث.

بدأت إشكالية اللغة في تأليف النصوص المسرحية في الجزائر حسب الدكتورة منذ بداية المسرح حيث كانت كل المسرحيات باللغة العامية مثل مسرحية جحا في عام 1929م، فمنذ ذلك الحين ظهر صراع بين أنصار اللغة العربية الفصيحة وأنصار اللغة العامية في تأليف النصوص المسرحية، فأنصار اللغة العربية الفصيحة يرون أن: اللغة العربية الفصيحة هي مهابة للمسرح يمكننا التخاطب مع الدول العربية دخول ألفاظ أجنبية على اللغة العامية يشوه المسرح تثقيف المتفرج وتحسين مستواه من خلال اللغة الفصيحة أما أنصار اللغة العامية فيتفقون على:اللغة العامية قريبة من المجتمع ويفهمها جميع فئات الناس توظيف التراث الشعبي يتطلب لغة شعبية التعبير عن الهوية الثقافية للشعب بلغة قريبة منه ربما كان الصراع بين هاتين الفئتين والجدل بين المؤلفين والنقاد مفيدا جدا وإيجابي للاستمرارية في تطوير المسرح وكثرة الإنتاج، فكل فئة تعمل من أجل إثبات وإنجاح نظرتها، ولكن بالنظر إلى المنتوج المتنوع حاليا بين اللغتين، يمكننا أن نلمح بأن هناك اتفاق نوعا ما، فالذي يهم هو الموضوع المقدم للمتفرج، أما اللغة فهي وسيلة فقط، ويمكن أن يراعى فيها نوع المسرحية حيث: المسرحية التي تتحدث عن التراث الشعبي أو مواضيع تتعلق بالمجتمع والحياة اليومية للجزائري فتكون باللغة العامية، أما المسرحية التاريخية أو المقتبسة أو الكلاسيكية فتكون باللغة الفصحى، والأهم هنا الوصول إلى عقل وقلب المتفرج.

وهذا ما ذهب إليه الدكتور مفتاح مخلوف في مداخلته حيث قال إن شعرية اللغة المسرحية هي تلك التي يستطيع الكاتب من خلالها أن يقدم أشخاصه ويحدد ملامحهم الوصفية التشخيصية جيدا، وعليه فاللغة الدرامية أداة تعبر عن قرارات الشخصيات وأفكارها، ومعتقداتها ومشاعرها، وأمالها، وآلامها وأحيانا تتحول إلى أداة للتعبير عن توجهات الكاتب الذي يجعل من الشخصيات متحدثين باسمه، دون أن تذوب قراراتها وأفكارها حتى لا تفقد مصداقيتها و قدرتها على إقناع المشاهد، مضيفا بإن إشكالية شعرية لغة الحوار في الخطاب المسرحي العربي بوجه عام، وفي الخطاب المسرحي الجزائري بوجه خاص، جزء من مشكل أكبر هي الابتعاد عن الفصحى في التعامل اليومي وفي التخاطب، و في الحوار حتى في أوساط المثقفين، وفي المناسبات الثقافية، بل وحتى في التدريس على اختلاف مستوياته، وفي دروس اللغة العربية نفسها، وما يقال عن الخطاب المسرحي، يطبق على خطابات وسائل الاتصال الأخرى لاسيما الإذاعة والتلفاز، والمؤسف أن هذه المشكلة – وعلى خطورتها  لم تحظ بالاهتمام والعناية ولم تبذل جهود جادة من أجل تجاوزها.

ولم تكن هذه الإشكالية وليدة الحاضر، سواء أكان الأمر يتعلق بالوسط العام للمجتمع أم بالوسط الثقافي وبخاصة إبداع المسرحيات، إذ حينما وفد الأدب المسرحي إلى أدبنا العربي في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، وبدأ العرب يبدعون مسرحيات على النسق الغربي شغلتهم مشكلة الحوار، هل يكون بالعاميات المحلية أم بالعربية الفصحى، فاختلفت خيارات المبدعين.

وفي خضم هذا الصراع، يقول الدكتور سارع بعض رواد الخطاب المسرحي إلى اللجوء إلى حل وسط، حيث ذهب هذا الفريق الثالث إلى ترك الحرية للمؤلف، فهو وحده أقدر على تقدير الموقف، واتخاذ القرار، فرجح بين الاتجاهين السابقين، ودعا إلى لغة ثالثة وسطى فصحى في المفردات وعامية في التركيب وعلى رأسهم توفيق الحكيم حيث دعا إلى استخدام لغة ثالثة سماها اللغة الوسطى، وهي التي تكتب على حسب الإملاء الفصيح بمفردات تتفق فيها العامية والعربية ، لينطقها من يشاء بالعامية أو بالعربية.

للتذكير، الأكاديمية منى بن الشيخ حاصلة على دكتوراه تخصص تحليل الخطاب، وهي حاليا أستاذة محاضرة بقسم الفنون بجامعة الجلفة، لها اهتمامات بحثية حول الخطاب الفيلمي وكذا عن توظيف الأنساق التراثية في المسرح، كما لها عديد المشاركات في دوريات ومحلات علمية، وكمحاضرة في مناسبات علمية، ومحكمة في تظاهرات فنية.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى