الأخيرة

الحلويات تطارد المرضى بالشحوم والدهون: “إنقاص الوزن” في رمضان… صائمون على أبواب أطباء السمنة

غاية إنقاص الوزن في رمضان تدغدغ أحلام كثيرين، لكنها في الوقت نفسه تصدم وتربك، وكثيراً ما ينجم عنها فشلٌ ذريعٌ ودهونٌ متراكمةٌ رهيبةُ وشحومٌ متواترة عديدة. مسألة ضبط إيقاع تناول الطعام بين المغرب والفجر بالغة الصعوبة.

والقدرة على التحكم فيما يأكله الصائم، الذي ظل يحلم بطبق القطائف وحلة المحشي طيلة 15 ساعة صيام تخضع لمهارات فردية نادرة لا تتمتع بها الغالبية بين من يعانون السمنة وفرط الوزن.

منظمة الصحة العالمية تُعرّف السمنة “بأنها تراكم الدهون بشكل غريب ومفرط، وهو ما يؤدي إلى آثار صحية وخيمة”. ويُحسب مؤشر كتلة الجسم بتقسيم الوزن (بالكيلوغرام) على مربّع الطول (بالمتر) (كيلوغرام/ م2). وتحذر من تزيد الأخطار تدريجياً مع تزايد كتلة الجسم، إذ قد يؤدي ذلك إلى الإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري وأنواع من السرطان وغيرها.

تعريف المنظمة يقف في ضفة مقابلة لتلك التي تقف عليها مدام منال ومدام هبة والحاجة ناني والمهندس سلطان، رفاق الكفاح في عيادة أحد أطباء السمنة في حي المهندسين، هذه الكوكبة من الباحثات والباحثين عن إنقاص بضعة كيلوغرامات من أوزانهم يجدون أنفسهم في حيرة من أمرهم منذ بداية شهر رمضان. كل يأتي إلى عيادة الطبيب المشهور حاملاً مشكلة تأبى أن تتحقق، ونحافة ترفض أن تتبلور من أول الشهر إلى نهايته.

قصص المعاناة وحكايات الصراع المسموعة في غرفة انتظار عيادة السمنة والريجيم في رمضان لا تنتهي. بعضها تكتنفه أقوال يندى لها الجبين، والبعض الآخر يعكس ضعفا في الإرادة ووهناً في السيطرة. ويقف فريق ثالث في خانة اللامعقول.

..عزائم منهارة وأخرى فياضة

العزائم المنهارة في نفوس الصائمين والعزائم الفياضة في دعوات الإفطار سمة من سمات رمضان، بمن في ذلك أطباء السمنة والريجيم أنفسهم. اختصاصي السمنة والنحافة ونحت القوام الدكتور سليمان يقر ويعترف “أنه كثيراً ما يجد توبيخ مرضاه ومريضاته من غير المتلزمين بالنظام الغذائي المتبع من أجل فقدان الوزن أمراً بالغ الصعوبة في شهر رمضان”. وأشار إلى أنه: “إذا كان الطبيب المعالج نفسه يجد التحكم في نوعية وكمية الأطعمة الموجودة في العزائم وعلى موائد البوفيه المفتوح أمراً بالغ الصعوبة، فكيف أتمكن من تقويمهم وتوبيخهم وأنا مستحق للتقويم والتوبيخ. في كل رمضان يزيد وزني بين ثلاثة إلى أربعة كيلوغرامات، لذلك أتفهم ما يمر به المرضى في هذا الشهر ولكني لا أصارحهم بذلك حتى لا يستمرئوا الفوضى الغذائية في رمضان”.

..فوضى الإفطار الخلاقة

الفوضى نفسها تعتبرها استشارية أمراض السمنة والتنحيف الدكتورة رندة الحداد خلاقة، “إذ تضع أنظمة غذائية مناسبة للشهر الكريم بهدف فقدان الوزن، إذ تحوي بسبوسة وكنافة وربما بقلاوة” ولكن على حد قولها “يتم حسابها بميزان الذهب”. تقول: “التحكم في الوزن أثناء شهر رمضان أمر صعب لكن ليس مستحيلاً. الامتناع عن تناول المشروبات المحلاة بالسكر وتنظيم تناول وجبتي الإفطار والسحور وتحويلهما إلى أربع وجبات صغيرة، وعدم الحرمان من تناول الحلوى الشرقية المحببة ولكن بحساب، والامتناع تماماً عن تناول المشروبات الغازية، وممارسة قدر من الرياضة اليومية البسيطة، وغيرها تمثل نظاماً صحياً يحقق خسارة الوزن أو على الأقل الثبات عليه، لكن فقط لمن أراد وامتلك الإرادة”.

..توم وجيري في عيادة التنحيف

وتشير الحداد إلى “أن العلاقة بينها وبين مرضاها تتحول إلى العلاقة بين “توم وجيري” في شهر رمضان، تأتيني المريضة زائدة كيلوغرامين في أسبوع. أسألها عما اقترفته من خروقات، فتقسم بأنها التزمت بالنظام المتفق عليه. ومع الضغط تقر وتعترف إن قطعة البسبوسة المسموح بها بما يوازي عقلتي الإبهام تحولت بقدرة قادر إلى حجم الكف بأكلمه، وهلم جرا”.

وقد جرت العادة في كل رمضان أن تزدهر إعلانات ونصائح فقدان الوزن في الصحف والمجلات، ومعها برامج المرأة والحوارات، وأضيفت إليها مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي التي تتضافر جهودها وتنتعش قدراتها طيلة أيام الشهر الكريم لتوجيه النصح والإرشاد لمن يبحث عن الرشاقة في شهر رمضان.

..مقاومة الفتة

لكن بين الحلم والواقع إرادة من حديد تتمثل في مقاومة أشهى الأطباق بقليل من الالتزام وبعض من الرياضة. ورغم ذلك لا صوت يعلو فوق صوت المنطق وتجارب الواقع.

تقول الدكتورة رندة الحداد: “بصراحة أنصح الراغبين في اتباع نظام غذائي لفقدان الوزن بتأجيل بدء التنفيذ لبعد عيد الفطر المبارك وانتهاء معركة الإفطار وبعدها هجمة السعرات المتفجرة في الكعك وغيره من حلوى العيد. أما من بدأوا بالفعل طريق الريجيم قبل رمضان، فعليهم التحلي بالصبر حيناً والإرادة حيناً وتذكير أنفسهم دائماً أن قطعة البسبوسة هذه التي يتوقون إليها ستسعدهم لدقائق أثناء التهامها لكنها ستتعسهم أشهراً، بينما تستقر شحوماً ودهوناً في منطقة البطن والأرداف”.

 

 

 

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى