ثقافة وفن

الثورة التحريرية شكلت بقيمها الثقافية والإنسانية محطة حاسمة في تاريخ مكافحة الاستعمار

المشاركون في اليوم الأول من ملتقى المقاومة الثقافية في الجزائر

أبرز المشاركون في أشغال اليوم الأول للملتقى الدولي “المقاومة الثقافية في الجزائر خلال الثورة التحريرية، نضال من أجل التحرر”، الذي يحتضنه المركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”، وينظم في إطار البرنامج الثقافي الخاص بإحياء الذكرى الـ 60 لعيد الاستقلال، البعد الثقافي والإنساني للثورة التحريرية والذي دفع كبار مثقفي العالم إلى الالتفاف حولها ومساندة قيمها السامية.

وأجمع المشاركون أن الثورة التحريرية شكلت بقيمها الثقافية والإنسانية محطة حاسمة وجوهرية في تاريخ مكافحة الكولونيالية، حيث كانت محل احترام وتمجيد من طرف كبار مثقفي العالم بفضل ما أنتجته من قيم ثقافية وفنية ومبادئ إنسانية ارتكز عليها كفاحها ومقاومتها ضد الاستعمار.

وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام  للجمعية العربية لعلم الاجتماع بفلسطين، محمد نعيم فرحات، أن الثورة الجزائرية واحدة من أهم التجارب الإنسانية الحديثة في التحرر والانعتاق، وهي بمثابة انعكاس لقوة الثقافة الجزائرية ودورها في إنتاج المقاومة والتأسيس لكل أشكال المقاومات الأخرى.

وتطرق الباحث الفلسطيني في سياق كلامه إلى قوة البعد الثقافي للثورة التحريرية الذي برز عبر مختلف مراحل المقاومة الشعبية والحركة الوطنية، مشيرا إلى أن القيم الثقافية للمقاومة رسخت روحها ومقولاتها في الوعي الجمعي والفردي الجزائري على نحو عميق وملفت، وأضاف ذات المتحدث أن اعتماد قيمة التضامن مع الآخرين المظلومين حيثما كانوا كمكونات ثقافية نابعة من قيم الثورة الجزائرية وتحويلها إلى خيار وممارسة سياسية دائمة هو أمر ليس متاحا لكل المجتمعات، معتبرا أن موقف الجزائر من فلسطين وقضيتها يشكل معيارا حاسما لخياراتها الثقافية والرمزية والأخلاقية ومن أعلى تعبيراتها عن جوهر وعيها وعن خياراتها، على حد قوله، مشيدا بالتزام الجزائر بالغ الوضوح بشأن فلسطين، وختم فرحات بالقول أنه في الأزمنة الراهنة تقوم الجزائر بإعادة إنتاج دورها وحضورها السياسي الوازن في محيطها القريب والبعيد، وتفصح عن خيارات منسجمة مع منطلقاتها الثقافية المستقرة.

وتطرق، بدوره، الباحث والمؤرخ الإيطالي غاليي نازارينو، إلى ملامح من الدعم الإيطالي للثورة التحريرية، وذلك من خلال تجربة صديق الثورة، الناشر والمثقف الإيطالي جيوفاني بيريلي، الذي ساند القضية الوطنية العادلة والكفاح التحرري الجزائري على غرار نخبة من أهم مثقفي العالم الذين فضحوا ممارسات التعذيب الوحشية ضد الجزائريين وساهموا بذلك في تدويل القضية الجزائرية وحشد وتعبئة الرأي العام الدولي.

و لفتت الباحث الإيطالي إلى أن بيريلي يعد من أبرز المثقفين الذين التزموا بمساندة الثورة الجزائرية، حيث لم تقتصر المقاومة والصمود على صعيد الكفاح المسلح والعمل الدبلوماسي فقط بل أثمرت قيما ثقافية أبهرت العالم، لافتا إلى أن بيريلي اعتمد على الثقافة كعامل هام لنسج جسور ثقافية بين الجزائر وإيطاليا وإيصال صوت الثورة للعالم، وأبرز نازارينو أن بيريلي عمل على دعم الثورة الجزائرية من خلال النضال الثقافي لدار النشر إينودي التي أسسها لدعم حركات التحرر في العالم، حيث قام بعد لقائه مع صديق الثورة المناضل فرانس فانون في 1955 بإصدار مؤلف يضم شهادات المجاهدين الجزائريين وإبراز القيم الثقافية والإنسانية للثورة التحريرية، مضيفا أن بيريلي ساهم ضمن جهود التضامن الإيطالي مع القضية الجزائرية وكفاح التحرير الوطني مساهمة فعالة حيث التزم التعريف بوجهة نظر الجزائريين وقام بنشر ترجمة للمؤلف المناضل هنري علاق المسألة سنة 1958، و مؤلف بعنوان “رسائل الثورة الجزائرية”، وغيرها من الكتب.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى