الاعتقال الإداري حبل المشنقة للانتحار السياسي؟!

بقلم الأديب والأسير المحرر: وليد الهودلى

تتصاعد الاعتقالات هذه الأيام في الضفة الغربية بشكل كبير وخطير وتصيب في غالبيتها شخصيات لها علاقة في العمل السياسي حيث تضرب عليها لعنة الاعتقال الإداري، وإصرار الاحتلال على هذا النوع من الاعتقال يهدف ضرب هذه النخبة ودفعها باتجاه تجميد عملها العام وتنحية نفسها عن أي نشاط قد يجرّ عليه وبال الاعتقال الإداري ، إذا هو دفع لهذه النخبة نحو الانتحار السياسي وترك الميدان شاغرا للذين هم أقلّ كفاءة ومعرفة وخبرة، ولا يخفى على أحد ما في هذا من نتائج وخيمة على مجتمعنا والذي أبرز ملامحه: تعميق الانقسام وتجذيره وإشاعة العصبية الحزبية والفصائلية وقتل روح الوحدة والانتماء للقضية الواحدة والهم الواحد المشترك. وقد بلغت أوامر الاعتقال الإداري أو تجديد هذا الاعتقال في الخمس سنوات الأخيرة ثلاثين الفا، فكم من هؤلاء ذهب للانتحار السياسي؟ وكم منهم بقي مصرّا رغم قساوة ما ينتظره وما سكن في روعه من حرب نفسية ضروس تمارس عليه فترة اعتقاله، كذلك فترة خروجه من السجن يبقى شبح الاعتقال يلاحقه ويقضّ عليه مضجعه، ولا يكاد ينام ليلة دون أن تنتابه كوابيس هذا الاعتقال.

ويشركون في عملية الضغط عليه تفعيل أهله الذين وقعت عليهم الحرب النفسية أن يقدموا النصائح والوعظ البليغ لابنهم أن يبتعد ويترك ما هو عليه بهدف تجنب الاعتقال الإداري. إذا هم يصرّون على ممارسة هذه السادية وهذا التوحش عل المجتمع الفلسطيني بغية الوصول الى هدفهم وهو قطع الطريق على أي فلسطيني يقرّر أن يكون له دور في الحياة العامة الفلسطينية، ولينكفئ كل نشيط عل نفسه وحياته الخاصة ويترك الشأن العام إلى حيث ألقت، حالة من اللامبالاة والبلادة الاجتماعية وفقدان الشعور بالقضية وقتل للروح الوطنية وحسّ الانتماء الى وطن أو شعب أو هوية ثقافية أو تحدّ لاحتلال سلب منا كلّ شيء واعتدى على كلّ مكونات حياتنا. هم يريدون للشعب الفلسطيني أن يكون قطيعا يساق للذبح وقت ما شاءوا وأيدي عاملة رخيصة، الفلسطيني عندهم مجرّد ماكينة تعمل في حقولهم وورش البناء عندهم ولا يحق له أن يفكر بوطن أو حرية أو كرامة أو ثقافة أو أن يكون له سيادة أو علم أو استقلال، بالضبط الفلسطينيين مجرد قطيع يرضى بلسع سياطهم ويتحرك وفق ما يريد راعي هذا القطيع والذي ان رضوا بأن يختار له راعيا فعليه ان يكون مرياعا لقيادة القطيع حيث يريد سيّده.

وهنا نفسّر لماذا يصرّ الاحتلال على هذا الاعتقال الإداري؟ ببساطة لانه حقّق نجاحا حيث أنهى به الحياة السياسية لآلاف النشطاء، دفعهم للانتحار السياسي ليبعدوا أنفسهم عن هذا السيف المسلّط على رقابهم، أو حبل المشنقة الذي يلتف على رقابهم. وهنا نقول لا بديل لكل حرّ إلا أن يصرّ على دوره وأن نشجع كل قادر على ذلك أن ينخرط في الحياة العامة، لانه لا خيار الا أن يسير خلف المرياع في القطيع أو أن يكون حرّا مهما كان الثمن ، وهم أصلا لا يستطيعون اعتقال كلّ حرّ لكثرة الأحرار ولكنهم يختارون نماذج في كل بلد ليكونوا بمثابة فزّاعات لغيرهم، فلا بديل اذا عن الاستمرار لأن البديل هو الانتحار، ثم لا بد من العمل الجدّي لإسقاط هذا الاعتقال وفضح جريمة الاحتلال المكشوفة فيه عالميا والذي يخترق فيه كل القوانين بشكل صارخ لا لبس فيه. نحن بذلك نجعل منه حبل مشنقة للاحتلال وإجراءاته النازية المتوحشة.

Exit mobile version